ELIAS PAULUS

ELIAS  PAULUS
ELIAS PAULUS THE BIG LOVE الحب الكبير -اضغط على الصورة-

torsdag 15 juli 2010

أطفالنا...ومشاركتهم في الليتورجية

الليتورجية سَبْق تذوُّق ملكوت الله:

هذه هي المرحلة الثانية التي تتزامن مع دخولنا إلى الكنيسة، حيث نحيا في الليتورجية كسَبْق تذوُّق ملكوت الله. فمنذ دخول الطفل الكنيسة وهو صغير، يشعر أنه داخل فجأةً إلى مكانٍ خاص حيث كل شيء له طابع الجمال العميق والمقدس، وحيث كل شيء ينقله بعيداً عن عالمه اليومي. فيُلاحِظ عن كثب أن السماء والأرض هنا تتعانقان. وهو يُلاحِظ بنفسه أن الدخول إلى الكنيسة يكون بإشارات طقسية ما يجعله يستوحي منها أهميتها: علامة الصليب، شمعة، تكريم الأيقونات. إن كل حواسه تنشغل بها: رائحة البخور، الألحان. وعلى الجدران مشاهد القديسين المؤثر والهادئ، حيث يَسْبَح في بهاء نور جديد. القبة ترمز إلى السماء مع ملائكتها والنجوم المذهَّبة التي تملأها، وغالباً ما يكون المسيح في الوسط في أيقونة ”البانطوكراطور“.


والطفل يفهم هكذا أن الحدود المكانية والزمنية قد أُلغيَت. فالمشهد الذي نراه في الهيكل أن المسيح يُعطي الإفخارستيا للرسل، نجده يتحقَّق أمامنا عملياً في شركة المؤمنين في الإفخارستيا. ونحن في شركتنا في الإفخارستيا أيضاً نتحد كلنا مع القديسين، حيث تُكتب في ”الذبتيخا“ أي لوحة بأسماء المنتقلين والغائبين الأحياء (ويُستعاض عنها بالورقات التي يُسلِّمها المؤمنون للكاهن بطلباتهم وسؤالاتهم). والطفل يجتمع بهؤلاء في الجماعة الكنسية (وهذه الأسماء تُصاحب التقدمات ”البروسفورا“، وكلها تُقرأ أثناء صلوات الاستعداد وفي مواضع أخرى من خدمة القداس).

الاشتراك في الإفخارستيا:

وهذه هي المرحلة الثالثة من المراحل التي يجب توافرها للطفل ليتفاعل مع ليتورجيا القداس. فإن الغاية القصوى وقمة الليتورجيا هي اشتراك المُعمَّدين، أيّاً كان عمرهم، في سرِّ الإفخارستيا، حتى لو كانوا في أيام طفولتهم الأولى، فاشتراكهم في الليتورجيا يتمركز أساساً حول التناول من الإفخارستيا. هذه الشركة ليست بأي حال شركة من درجة أدنى لأنهم أطفال، ولكنها عن طريق اشتراك الجسد والحواس، تبلغ سرِّياً إلى أن تضاهي في كمالها شركة البالغين في الإفخارستيا.

وهذه الشركة هي أولاً شركة جسدية وحسِّية. ففي ”العشاء السرِّي“ يحدث أن الطفل يقتبل المسيح في جسده. لقد نسينا الأثر الشديد الذي قدَّمته الشركة في الجسد والدم الأقدسين لنا ونحن أطفال رُضَّع. قليلون جداً مَن يجهلون مذاقة السرِّ في سنواتهم الطفولية الأولى. إنه أثر شديد جداً بسبب الطقوس التي تحيط بهذا العشاء السرائري: هذا الإنسان (الكاهن) الذي تدل ملامحه على الجدِّية والجمال الروحاني وهو يرفل في ثيابه البيضاء المنيرة، مُمسكاً كأساً من فضة ويُناول المؤمنين.

هذا اللقاء مع المسيح الذي نحياه - نحن البالغين - سرِّياً في الإفخارستيا، يتلقَّاه الطفل في وعيه الباطن إلى أن يكبر؛ ولكن إذا نحن علَّمناه أن يربط بين الليتورجيا والحياة ويربطهما بتعاليم المسيح، تصير شركته في الليتورجيا بمثابة تحوُّل حياتي إلى المسيح .

أيُّ نصيب يكون للأطفال في الليتورجيا؟!

حتى يكون هذا السلوك ممكناً، يجب على جماعتنا الكنسية أن تترك للأطفال مكاناً ومكانة.
إن ”الشركة“ تعني أن يأخذ الطفل نصيبه في الليتورجيا، وهذا يتضمن أن يرجع للأطفال نصيبهم في الجماعة الكنسية، أي يكون لهم مكان ومكانة كاملتين. فلا يكونون مشاهدين متفرجين أو سلبيين، أو نعتبرهم معكِّرين لصفو هذه الخدمة الكنسية الغريبة عليهم فيُقمعهم آباؤهم وأمهاتهم، وكأن الليتورجيا لا تُقام إلاَّ للبالغين.

هذا يعني أن البالغين يجب أن يقبلوا حضور الأطفال ويتركوا لهم مكاناً، بل ويهتموا بحضورهم خصيصاً. وهذا لا يعني ببساطة أن ذلك واجبٌ أخلاقي، لكنه ضرورة لاهوتية تحكم حضورنا في الكنيسة.

وفي الواقع إن هذا النموذج الذي نحاول أن نخضع له هو على صورة العلاقة بين الأقانيم الثلاثة داخل الثالوث القدوس. فعلى مثال الثلاثة الأقانيم الإلهية، فنحن أيضاً نسعى بنوعٍ ما أن تكون علاقاتنا محتفظة بتنوُّع كل شخص على حِدة، حيث يصوغ هذا التنوُّع مجموعة متوافقة في وحدانية كاملة.

ونحن نتساءل: هل هناك مكان آخر مثل الجماعة الكنسية يمكن أن نشترك فيه بعمق في حَدَث مثل الإفخارستيا، من حيث كوننا أشخاصاً متميِّزين، ولكن دون النظر إلى أوضاعنا الاجتماعية أو الكيانية أو الشخصية.
أيُّ نوع من اشتراك الأطفال، إذن؟

هذه الشركة قد تجمع أحياناً نقيضين: الحضور الغائب. فالطفل قد يكون هناك حاضراً في الكنيسة ولكنه منهمكٌ في اللعب أو الرسم أو الثرثرة. لذلك سيكون نوعاً من التسرُّع أن ندين مثل هذه التصرفات. ”فرانسواز دولتو“(1) قد لاحظت أنه عندما نريد شرح شيء ما مهم للأطفال، فغالباً ما يتخذون ردَّ فعل مُحيِّر: فهم يعطون الانطباع بأنهم يهتمون بأي شيء آخر، ولكنهم يكونون في الواقع مستمعين منصتين. ويُشبَّه الطفل بالأرض التي تسقط عليها البذار، ومَن يدري ما الذي يحدث في أعماق قلبهم؟!

فلكي نساعدهم في المشاركة الواعية في احتفال الليتورجيا، يجب أن نُقدِّم خبرات من الطقوس المختلفة. فالأطفال مدعوون مثلاً أن يُشاركوا - مثلهم مثل البالغين - في اللحظات الحاسمة في الليتورجيا، ونرى أهمية هذا من خلال بعض الممارسات الطقسية. فالأطفال يشتركون في دورة القيامة ليلة عيد القيامة، بل ويسبقون الكهنة ويحوطون بهم ممسكين بالشموع عند قراءة الإنجيل، وهم أول مَن يتناولون. كما يمكننا أن نساعد الأطفال أيضاً بصورة عملية أكثر، لكي نُدعِّم انتباههم ونعدَّهم لليتورجيا في صورة تحفيظهم لحناً أو مردّاً صغيراً من ألحان القداس مثل: تسبحة الشاروبيم التي تفتتح الجزء الثاني من الليتورجيا، أو نداء الشماس في الليتورجيا: ”قفوا بخوفٍ من الله وانصتوا لسماع الإنجيل المقدس“ التي تعطي إشارة للإنصات لقراءة الإنجيل، أو للذهاب بحثاً عن قربانة الحَمَل الصغيرة المباركة التي تكون مكافأة لذيذة لهم في نهاية الخدمة الليتورجية.

ونستطيع أيضاً أن نعلِّم الأطفال من خلال مشاهدة ما يُسمَّى ”تمثيلية القيامة“ وفتح وغلق الأبواب الملوكية التي تحجب الهيكل ليلة عيد القيامة المجيد، أو الأدوات التي يتغيَّر مكانها في أسبوع الآلام. وهكذا من خلال هذه المناظر والتحرُّكات التي تحدث في الكنيسة، نُعلِّم الأطفال الكثير عن الصلوات الليتورجية، ما يجعلهم يتابعون ويندمجون في الطقس الليتورجي.

اللقاء يتجدَّد ثانية بلا توقُّف
مع المسيح القائم:


لكي نتجنَّب الملل الناتج عن تكرار نفس الليتورجيا كل يوم أحد، فمن المهم أن نعرض للأطفال نظام السنة الليتورجية، فنُجهِّز القراءات لهم، ونتحدث معهم عن عيد أو تذكار قديسي اليوم لنجعل الأطفال أكثر انتباهاً للتغييرات التي تحدث: مثل لون الملابس الكهنوتية، أيقونة العيد الموضوعة في وسط الكنيسة أو على جانبي الهيكل، أو المردات التي يتغيَّر فيها ذِكر المناسبة الكنسية... إلخ. وهكذا يأتي بُعدٌ آخر يقترن ببُعد الاحتفال الإفخارستي، فيتكون كمٌّ من المعاني التي يكتشفها الطفل وهو ينمو: فيتطابق الزمن اليومي والشهري والسنوي، مع زمن الليتورجيا، ثم مع زمن المجيء (أي فترة صوم الميلاد وما بعد الميلاد).

أخيراً، إن شركة الطفل في الليتورجيا ستتقدَّم بالتوازي مع تقدُّم نموِّه. فالصوم الإفخارستي الأول الذي صامه الطفل قبل التناول، وأول اعتراف قام به أمام الكاهن، هي مراحل مهمة لنمو الطفل في الجماعة الكنسية، والتي يمكن أن يُصاحبها رغبة في شركة أعمق وأكثر مساندة وأكثر وعياً في الليتورجيا في هذه المناسبات. فنستطيع أن نعرض عليه أن يصل مبكِّراً جداً إلى الكنيسة، وأن نطلب منه الانتباه بصفة خاصة ليُتابع المراحل المُبكِّرة من الليتورجيا، مثل: صلوات رفع بخور باكر؛ على أن نقبل ما يصدر منه في فترات الفتور أو الاسترخاء

ففي بعض أقسام الليتورجيا، نستطيع تحديد أوقات متتالية قوية ومهمة، ولحظات أخرى أقل عمقاً، وهي محسوسة حتى من البالغين، فمثلاً: بعد وقت قراءة الإنجيل، وقبل صلاة الصلح التي تُفتتح بها ليتورجية المؤمنين استعداداً للانتقال إلى تقديس الأسرار.

في الختام، يجب علينا أن نجعل أطفالنا يشتركون - كأي شخص - في الليتورجيا. فهذا يجعلهم يستشعرون بالتدريج مدى غِنَى هذا السر الذي لا ينضب. ولأجل هذا العمل، فالتردُّد على الكنيسة في حدِّ ذاته لا يكفي. فالإشارات والعادات والصلوات يجب أن تكون واضحة ومُصاحِبة للطفل وهو في المنزل من خلال الوالدين والمُعلِّمين. وهكذا يصبح وجود الأطفال أكثر فاعلية ووعياً، لأن الشركة الإفخارستية هي لأجلنا أجمعين، وهي بمثابة لقاء دائم متجدِّد مع المسيح القائم.

كاتب هذا المقال
مينا الانبا ابرام
 


 

onsdag 14 juli 2010

المسبحة الأرثوذكسية - خواطر راهب من جبل اثوس

إذا صليتَ صلاة المسبحة في العزلة والصمت تنفتح لك أبواب السماوات وتنقذك رحمة الرب، وترتعد أساست الجحيم إذا صليتها من صميم قلبك وقلتَ:"أيهــا الرب يسوع المسيح، ابن الله الحبيب، ارحمني أنا عبدك الخاطئ".

ليست المسبحة للرهبان فقط بل للعلمانيين أيضاً، وهي لكل نفس مصلّية. ليست المسبحة مثل التعويذة أو التميمة أو الحجاب، التي ترتبط خصوصاً بالسحر أو بالإستقسامات، أو بغير ذلك من الأشياء العديمة الفائدة التي يوزعها السحرة على الناس، ويحملونها في اليد أو العُنق، بل هي وسيلة أرثوذكسيّة مقدّسة نقيّة من أجل الصلاة فقط، وبواسطتها تُقام الصلاة السريّة. وهنا لا بُدّ من التأكيد على شيء هام وهو أنّه توجد كثير من الكتب عن الصلاة، لكن، لكل قانون صلاة – بالمسبحة أو بغيرها – لا بُدّ للمصلّي، ولئلاّ يقع في الضلال، من أن ينال البركة ويأخذ النصيحة والإرشاد من أبيه الروحي في ممارسة الصلاة.

الصلاة بالمسبحة على طريقتين:
أولاً: في كل وقت من أوقات الفراغ، وبدون أن يرانا الآخرون وبعيداً عن أنظار الناس، في الخفاء نمسك المسبحة بيدنا اليُمنى أو اليسار ونتابع حبّة بعد حبّة، بصوت منخفض وبدون تشويش، مرددين في داخلنا الصلاة القلبيّة:

"يا ربّي يسوع المسيح ارحمني" أو "أيّتها الفائق قدسها والدة الإله خلّصينا".

ثانياً: في وقت الصلاة الخاصّة، وحسب القانون الذي وضعه لنا الأب الروحي، نُمسك المسبحة باليد اليسرى ونتلو الصلاة، راسمين وفي ذات الوقت إشارة الصليب بيدنا اليُمنى على كلّ حبّة من حبات المسبحة.

نتمنى لكل الأخوة في المسيح أن يستفيدوا من هذه الإرشادات التي هي نتاج جهد وخبرة راهب آثوسي مُقدمين كل التقدير لمسبحته التي علّمنا آباؤنا القديسون مدى فاعليتها في العالم وبين بني البشر.

المسبحة:
دعونا نقف قليلاً ولننظر إلى مسبحة صغيرة، كالتي تُصنع من خيط صوفي أسود في جبل آثوس (الجبل المقدس). إنّما هي بركة أُخذت من مكان مقدّس، مثلها كمثل الكثير من الأشياء الكنسيّة، هي بركة هيأها وقدّمها لنا أخ في المسيح أو أحد الآباء، الشاهدين الأحياء للتقليد الحي، والمسبحة سوداء اللون، والأسود هو لون الألم، لون الحزن والأسى وهذا يُذكرنا بأن نكون جدّيين ومجدّين في حياتنا.

لقد تعلّمنا في الكنيسة بأن صلاة التوبة هي بصورة خاصة "صلاة يسوع"، ويمكن أن تجلب لنا الحزن المُفرح فنشعر بالأسى بسبب الخطايا الناتجة عن ضعفنا وسقوطنا أمام الله، وأمام إخوتنا في الإنسانيّة، وأمام أنفسنا، لكن هذا الأسى يصبح ينبوعاً للفرح وللراحة في المسيح الذي بدوره يفيض رحمته ومسامحته وغفرانه لكل الذين يدعون باسمه.

المسبحة منسوجة من الصوف الآتي من الخروف "الحمل"، وهذا يُذكّرنا بأننا فعلاً خراف الراعي الصالح يسوع المسيح، ويُذكّرنا أيضاً "بحمل الله الرافع خطايا العالم". (يوحنا ١:٢٩).

وبالمقابل فإن الصليب الذي في المسبحة يُحدّثنا عن الذبيحة (الضحيّة) وعن انتصار الحياة على الموت، وانتصار التواضع على الكبرياء والتعالي، وبذل الذات على الأنانيّة، والنور على الظلام، هذه الشعلة وهذا اللهيب يمسحان الدموع من عينيك أو إن لم تمتلك الدموع فيذكرانك بأن تحزن لأنّك بلا حزن.

وفي كل الأحوال، تُذكّرنا باللهيب الصغير الذي يُغلّف اللباس الكهنوتي المقدّس من زمان العهد القديم، هذا يُذكّرنا بالتقليد المقدّس الذي نُمارسه بالمُشاركة عندما نستعمل المسبحة.

المسابح مصنوعة بحسب تقليد ضاع في أعماق الزمان، وربما يكون آتٍ من شكل أولي بدائي بسيط، من تجميع حبات الحصى الصغيرة، أو من بذور النباتات، أو بنقلها من مكان ما أو من وعاء ما إلى آخر أثناء تلاوة قانون الصلاة أو ممارسة إحدى السجدات الصُغرى أو الكُبرى.

يذكر لنا التاريخ بأنّ أحد الرهبان فكّر بأن يعقد عُقداً في خيط وأن يستعمله في قانون صلاته اليوميّة، فأتى الشيطان وحلّ العُقد من الخيط، فأحبط محاولات الراهب المسكين، عندئذٍ حضر ملاك وعلّم الراهب أن يعقد عُقدة خاصّة مُكوّنة من صلبان مُتشابكة عددها (تسعة صلبان)، عند ذلك لم يتمكن الشيطان من حل هذه العقد المُتصالبة التي على شكل صليب.

للمسابح أشكال متعددة وكثيرة وبأحجام مختلفة، معظمها فيه صليب مشغول بين العقد أو في طرفها، وهذا يدلّ على النهاية، كذلك توجد إشارة أو خرزة بعد كل عشرة عقد أو بعد كل خمس وعشرين أو بعد خمسين عقدة، وللمسابح أشكال متعدّدة فبعضها مصنوع من خيوط صوفيّة أو حريريّة أو من مواد بسيطة أو فاخرة ثمينة. وبعضها مصنوع من الخرز أو من ورود مجففة من إحدى النباتات المسماة بدموع العذراء.

المسبحة هي إحدى الأشياء التي تُعطى للراهب الأرثوذكسي عند رسامته وقصّ شعر رأسه، وكجندي للمسيح تُعطى له سيفاً روحياً ليُحارب به ضدّ العدو العقلي الذي هو الشيطان، هذا السيف يستعمله مستدعياً أسم سيّدنا وإلهنا ومُخلّصنا يسوع المسيح، ضارعاً إليه وطالباً رحمته في صلاة يسوع :

"ربّي يسوع المسيح، إبن الله، ارحمني أنا الخاطئ".

يُمكن أن تُقال هذه الصلاة بشكل مُختصر أيضاً :

"يا رب يسوع المسيح ارحمني".

أو تُقال بشكل آخر مُوسّع:

"بشفاعة والدة الإله وجميع القديسين أيّها الرب يسوع المسيح ارحمني".

وبمساعدة المسبحة يُمكن أن تُقال صلوات مختصرة أخرى، مثل صلاة العشّار:

"يا الله ارحمني أنا الخاطئ" (لوقا ١٨:١٣).

أو تُقال صلاة إلى والدة الإله:

"أيّتها الفائق قدسها والدة الإله خلّصينا".

أو "يا مريم والدة الإله تشفّعي فينا".

أو تُقال غيرها من الصلوات السريعة للملاك الحارس والى بعض القديسين بذكر أسمائهم، أو إلى جميع القديسين:

"بشفاعة القديس...أيّها الربّ يسوع المسيح ارحمني"

أو "بشفاعة جميع القديسين أيّها الرب يسوع المسيح ارحمني".

والشكل المُعتاد لهذه الصلاة هي:

"أيّها الملاك...أو أيّها القديس... تشفع لي".

وهذا ممكن باستبدال كلمات الصلوات المُختصرة بهذه العبارات، ارحمنا أو تشفع لنا، أو بذكر اسم أو أسماء الأشخاص المراد الصلاة من أجلهم، وعلى الأغلب نستطيع أن نستعمل المسبحة للصلاة من أجل الجميع، وهذا ينطبق أيضاً في الصلاة من أجل الراقدين:

"يا ربي يسوع المسيح أرِح نفس عبدك".

عندما يُمسك الرهبان المسبحة بيدهم، هذا يُذكّرهم بواجبهم: "الصلاة بدون انقطاع" على حسب وصيّة الرسول بولس "صلّوا بلا انقطاع" (تسالونيكي الأولى ٥:١٧)، كذلك يُمكن لكلّ واحد منّا أن يحتفظ لنفسه في جيبه أو في أي مكان معيّن آخر، بمسبحة وحيث يستطيع أن يستعملها بكلّ سهولة وتلقائيّة.

من الأفضل، وفي أغلب الأوقات، عليك أن تصلّي سرّياً، في الخفاء، دون أن تجلب انتباه الآخرين، ومن الممكن أيضاً أن نضع المسبحة على السرير فوق رأسنا وفي السيّارة أيضاً، مع صليب صغير أو أيقونة صغيرة، أو على أمكنة مناسبة كمُذكّر لنا للصلاة، وكنوع خاصّ للبركة وكحضور مُقدّس في حياتنا.

الهدف الرئيسي الذي عُمِلَت المسبحة من أجله:
الهدف الرئيسي للمسبحة هو مساعدتنا في الصلاة إلى الله وقدّيسيه،. وعدا عن أنّها مفيدة، فإنّها تُستعمل لتذكيرنا دائماً وبركة لنا، لكن كيف تستطيع هذه المسبحة الصغيرة أن تساعدنا لكي نُصلّي؟..

نحن نستطيع أن نُصلّي بدونها ولكنّها في بعض الأحيان تُسرّع مُحاولتنا على التركيز وجَمع النفس، آخذين بعين الاعتبار بعض الطرق التي تكون فيها المسبحة لنا خير مُعين، ففي بعض الأوقات تكون صلاتنا حارّة ومن السهل علينا أن نُصلّي ولكن في بعضها الآخر يكون ذهننا شارداً، أو في حالة شديدة الاضطراب فتُصبح صلاتنا مفكّكة متقطّعة، من المستحيل علينا عمليّاً أن نركّز على الصلاة!..وهذا يحصل بصورة عامّة عندما نحاول أن نحافظ على قانون الصلاة اليوميّة، حيث أنّه في بعض الأيّام تسير صلاتنا بصورة حسنة، وفي أيّام أخرى لا، هذا ما يحصل غالباً، حيث تبدو لنا محاولتنا للصلاة، تقريباً بلا جدوى، ولكن بما أنّنا – كما يُقال – كائنات تقليديّة أي تُحبّ التكرار وتعتاده – يكون من المفيد كثيراً في هذه الحالة، أن نحدّد ساعة مُنتظمة من أجل الصلاة.

مثلاً في المساء وقبل النوم حيث يكون الوقت مناسباً، يكون من المهم جدّاً أن نُنهي يومنا بالصلاة، وفي الصباح بعد النهوض من النوم يكون الوقت جيّداً كي نبدأ يومنا الجديد بالصلاة، وحسن للواحد منّا أن يُخصّص ساعات من اليوم يستطيع فيها تجميع الذهن للركون والهدوء.

لتكن محاولتنا اتخاذ الصلاة كقانون لحياتنا وليس كحالة استثنائيّة، ولنجعل لنا هدفاً في كلّ يوم، ساعة محدّدة نستطيع فيها أن نجد بعض الهدوء لنركّز ذهننا ونرفع عيون النفس ونعلّقها بالله، وكجزء من هذا القانون، ربّما نقوم بقراءة بعض الصلوات أو أن نُصلّي حتى تصفو النفس بمختلف الطرق، مثلاً بقراءة نصوص دينيّة أو بفحص ومراجعة الحوادث اليوميّة التي مرّت بنا ذلك اليوم وغيرها، (مراجعة النفس وتفحّص الذات لدراسة الخطايا وتصحيحها والاعتراف بفضائل الله علينا).

ولكن الطريقة الناجحة للاستفادة من قانون الصلاة هو أن نردّد "صلاة يسوع" بتواتر محدّد العدد، هذا العدد ليس من الضروري أن يكون كبيراً، وربما لا يتجاوز الخمسة عشر دقيقة، وأن يكون هذا الوقت قانوناً ليومنا وجزءاً منه مُخصّصاً لله، إنّ حبّات الملح القليلة تُعطي الطعام مذاقاً لذيذاً وهذه الصلاة القصيرة تُعطي حياتنا الروحيّة فرحاً وسلاماً. يُقدّم الكثيرون من الأطبّاء في يومنا الحاضر نصائح عمليّة من أجل الصحّة الجسديّة، وخاصّةً من أجل التغلّب على حالات القلق، مرض العصر القاتل، الذي يتعرّض له إنسان اليوم، لذا من الأفضل أن نسعى لنهيئ لأنفسنا مثل هذه الفرص الزمنيّة اليوميّة كي نملأها وبتواتر دائم، من كنوز الصلاة الثمينة، هذه الكنوز التي لا يستطيع أحد أن يخفيها ومن ثمّ نضعها في صناديق ونخبئها "كانزين لنُسدّد منها حسابنا الأخير للسماء" (متى ٦:٢٠). وإذا أردتَ فحافظ على عدد ثابت من الصلوات كجزء من القانون اليومي، وفي هذا ستكون المسبحة خيرُ مُعين لك في الصلاة والتمرُّس فيها.

يُمكنك أن تردّد عدداً محدّداً من الصلوات وأن تُركّز الذهن والقلب في كلمات الصلاة نفسها عندما تتلفظّها، وعندما تكون قد ركّزت ذهنك في كلماتك، أمسِك وبنعومة فائقة، صليب المسبحة بيدك اليُسرى بين الإبهام والسبّابة، ثمَّ ارسم بهدوء إشارة الصليب وأنت تُردّد بصوت منخفض "صلاة يسوع"، ومتى تركّزت أفكارك وذهنك أكثر فأكثر، عند ذلك ربّما لا تعود محتاجاً لرسم إشارة الصليب، أو ربما لا تعود بك حاجة لترديد الصلاة بقوّة، لكنّك عندما تجد صعوبة في تركيز الذهن، فارسم إشارة الصليب وردّد الصلاة بصوت خافت كما لو أنّه في داخلك فقط، أي في القلب، وهذا سيساعدك كثيراً لأن تحفظ ذهنك في الصلاة، ومن المُفيد أن تبقى واقفاً ورأسك منحنٍ بشكل متواضع.

البعض يرغبون رفع أيديهم بين الحين والآخر طالبين الرحمة، وآخرون يجدون أنّ الجلوس أو السجود، أي الركوع، بإحناء الرأس يساعدهم كثيراً على تركيز الذهن، هذه الأمور كلّها تتوقّف على الشخص ذاته، وعلى صحّته الجسديّة وغذائه وقوّة جسده، ومن المهم جدّاً في هذه الحالة أن تبقى بلا حراك وأن تُركّز الذهن على كلمات الصلاة طالما أنت تُردّدها، من الطبيعي والواجب أيضاً أن يتحاشى المُصلّي تجربة الإسراع، والعجلة، والضغط، ولهذا السبب فإنّ البعض، وعلى العكس، لا يستعملون المسبحة بل يستعملون الساعة كعداد خارجي لصلاتهم، فباستعمال الساعة يستطيع الشخص أن يُخصّص زمناً مُحدّداً للصلاة بدون أن يُحصي العدد الدقيق للصلوات.

في الحقيقة، إنّ الساعات المُِنبّهة العديمة الصوت هي اختراعات حديثة تحقق الهدف تماماً، بينما الساعات المُنبّهة ذات الصوت الواضح، وذات الجرس القوي نادراً ما كانت مقبولة، وعلى الأخص لم تكن مفيدة للصلاة، أمّا الساعات الإلكترونيّة المُنبّهة فلها قيمة وفائدة تقليديّة، والمسبحة أيضاً هي طريقة عمليّة مُثلى لتعداد السجدات الصغرى والكبرى التي يقوم بها المُصلّي في قانون صلاته، وفي رسم إشارة الصليب قبل الانحناء، ثم لمس الأرض بطرف الإصبع، أو للسجود حتى تلامس جبهتنا الأرض.

هذه العادة قديمة في الصلاة لله وقديسيه ويُمكن للشخص أثناء السجدات الصغرى أو الكبرى أن يرفقها "بصلاة يسوع" أو بصلوات قصيرة أخرى كما ذكرنا سابقاً، إنّ حركة الجسم في السجدات الصغرى والكبرى ربما تُساعد في جعل الصلاة أكثر حرارة، وتُقدّم تعبيراً خارجيّاً عن خضوعنا وتواضعنا أمام الله، كما أنها تطبيق للوصيّة الرسوليّة بأن نُمجّد الله بنفوسنا وأجسادنا: "مجّدوا الله في أجسادكم وأرواحكم، لأنّها هي لله". (كورنثوس الأولى ٦:٢٠).

كثير من الأشخاص يستعملون المسبحة أيضاً عندما يستلقون على فراشهم قبل النوم، فيرسمون إشارة الصليب أولاً على فراشهم ويأخذون المسبحة بيدهم راسمين إشارة الصليب، ويستلقون على فراشهم مرددين الصلاة وبهدوء حتى يخلدوا للنوم، وهذا مهمّ جدّاً ومُفيد أيضاً إذ عندما تستيقظ من نومك والمسبحة بين أصابعك أو بالقرب من وسادتك فإنّها تساعدك على أن تبدأ نهارك الجديد بالصلاة، ولكن أن يُنهي الإنسان يومه السابق بصلاة هادئة هو من الأمور المُفضّلة المهيأة لانطلاقة صلاتيّة في يوم جديد، ولكي لا يأتي يوم الدينونة ونحن في حالة عدم استعداد إذا ما أتانا نوم الموت في تلك الليلة، بعض الناس يأخذون المسبحة بيدهم في غير أوقات العمل، مثلاً أثناء ذهابهم إلى عملهم أو أثناء سفرهم، ففي أيّة ساعة من النهار وعندما تتذكّر الصلاة خذ بيدك مسبحة صغيرة رفيقة.

إنّ هذه الحركة تربطك بالصلاة التي تصلّيها في كل الساعات وستساعدك على التركيز وعلى الصلاة مرّات عديدة خلال النهار، في أيّ مكان كنت ومهما كنت تفعل، إنّ هذه الحركة هي خطوة كبرى نحو إتمام الوصيّة "صلّوا بلا انقطاع".

يذكر القدّيس الأسقف أغناطيوس بريانشانينوف، أنّ الصلوات الطويلة في الكنيسة هي فرصة حسنة ومناسبة لكي نُصلّي بالمسبحة، عادة توجد صعوبة في التركيز على كلمات الصلاة التي تُقرأ أو تُرتّل، ويكون من الأسهل على الإنسان أن يُركّز بهدوء على صلاته الخاصّة وربّما تكون هذه الطلبات، الصلوات، من تأليفه الخاص ومرتبطة بحاجة شخصيّة مُعيّنة.

إنّ هذه المقدّمات الصغيرة هي فقط أفكار وخواطر في كيفيّة الاستعمال المُفيد للمسبحة، والأهمّ من ذلك هو كيف يبتدئ الإنسان المؤمن بممارسة الصلاة.

المسبحة لا تُصلّى لوحدها حتى ولو كانت جميلة جدّاً أو ما شابه هذا الانطباع، إنّها حقّاً أداة تقليديّة مساعدة لصلاتنا وخاصّة لكلّ قانون صلاتي، والشيء الأساسي هو أن نركّز الذهن في كلمات الصلاة وأن نقدّم تضرّعات من كلّ قلبنا إلى يسوع المسيح ربّنا وإلهنا، فإذا كانت هذه المسبحة الصغيرة تُساعدك على قول صلاة أو تذكّرك كي تصلّي أو تساعدك بطريقة ما أن تُصبح مصلّياً، عند ذلك تكون المسبحة قد أكملت غايتها وأوصلتك إلى هدفك، كما وتكون قد ربطتك أكثر فأكثر وجعلتك أقرب إلى المسيح ربّنا وقرّبتك إلى ملكوت الله، لأنّ "ملكوت الله في داخلكم" (لوقا ١٧:٢١).

"يا ربي يسوع المسيح ارحمني"

tisdag 6 juli 2010

ΤΟ ΣΥΝΑΞΑΡΙ ΤΟΥ ΙΕΡΟΜΑΡΤΥΡΑ ΙΑΚΩΒΟΥ ΤΟΥ ΧΑΜΑΤΟΥΡΙΤΗ - THE SYNAXARY OF HIEROMARTYR JACOB OF HAMATOURA

Το λαξευμένο μέσα σε πέτρα μοναστήρι στο Όρος Χαματούρα στη Κούσπα του Λιβάνου είναι ένα Ελληνoρθόδοξο μοναστήρι που ανήκει στο Πατριαρχείο της Αντιοχείας και είναι ένα από τ' αρχαιότερα στην χώρα. Το μοναστήρι είναι αφιερωμένο στην Κοίμηση της Θεοτόκου, αλλά είναι ευρύτερα γνωστό ως Ιερά Μονή της Χαματούρας, που είναι το όνομα του βουνού στο οποίο το μοναστήρι είναι κτισμένο .
Κατά τα τέλη του 13 ο αιώνα, στη Μονή της Θεοτόκου της Χαματούρας, ο Άγιος Ιάκωβος άρχισε την ασκητή του ζωή. Μετά, όταν το μοναστήρι καταστράφηκε από τους Μαμελούκους*, εγκαθίδρυσε το μοναχισμό κατά μήκος της περιμέτρου των ερειπίων του μοναστηριού. Με τον καιρό, ξανάκτισε το μοναστήρι αναβιώνοντας και δίνοντας νέο σθένος στη μοναστική ζωή της περιοχής.
Η πνευματική του ζωηρότητα, η δυναμικότητα, και η δημοτικότητα του μεταξύ των πιστών επέστησε την προσοχή των Μαμελούκων που καθόρισαν στο μυαλό τους να σταματήσουν τον ενθουσιασμό και αποφασιστικότητα του και να τον προσηλυτίσουν στο Ισλάμ. Αυτός αρνήθηκε πεισματικά τις αδυσώπητες τους πιέσεις. Όταν οι φρικτές απόπειρες εξαναγκασμού από του Μαμελούκους απέτυχαν, έσυραν τον Άγιο Ιάκωβο, μαζί με κάποιους μοναχούς και λαϊκούς από την Ιερά Μονή του Αγίου Γεωργίου, που βρίσκεται πάνω από το Όρος της Χαματούρας, στην πόλη της Τρίπολης (την πρωτεύουσα του Βορείου Λιβάνου) και τον παρέδωσαν στον γουαλί (ηγεμόνα).
Για σχεδόν ένα χρόνο, υπέμενε τεράστια βασανιστήρια. Εντούτοις, δεν παραδόθηκε ψυχικά ή να αποκηρύξει την πίστη του, παρά το ότι έπαιρνε κολακείες αλλά και απειλές και εκφοβισμό από τους Μαμελούκους. Αν και παραξενεμένοι από το πείσμα και την επιμονή του Αγίου Ιακώβου, στο τέλος καθώς ήταν η συνήθεια τους για τη τιμωρία τους εχθρούς τους, στις 13 Οκτωβρίου ο Άγιος Ιάκωβος αποκεφαλίστηκε. Επιπλέον, οι Μαμελούκοι έκαψαν το σώμα του για να διασφαλίσουν ότι η Ορθόδοξη Εκκλησία δεν θα του έδινε μια έντιμη ταφή ως μάρτυρα, μια ταφή που αρμόζει σε ένα άγιο.
Δεν πέρασε πολύς καιρός μετά το θάνατό του και ο Θεός βλέποντας τα βάσανα και την ακλόνητη πίστη του, του απονέμει αιώνιες δάφνες και χάρη, και σήμερα λάμπει ως μάρτυρας το ίδιο όπως ήταν σαν φάρος κατά τη διάρκεια της επίγειας ζωής του. Ήταν κατά αυτή τη χρονική περίοδο που η Ορθόδοξη Εκκλησία ανακοίνωσε την αγιότητα του Αγίου Ιακώβου, και που τον πρόσθεσε στο κατάλογο των τιμημένων αγίων μαρτύρων της, και προσευχήθηκε για την μεσολάβηση του.
Ο Άγιος μας είχε σχεδόν ξεχαστεί κατά τη διάρκεια της ιστορίας. Αυτό οφείλεται στα πολλά βάσανα που πέρασε η Ορθόδοξη Εκκλησία κάτω από διάφορα μουσουλμανικά σουλτανάτα που αποδυνάμωσαν τη χριστιανική πνευματική ζωή και οδήγησαν σε αισθητή πτώση τη χριστιανική ευμάθεια. Επιπρόσθετα, χειρόγραφα και όλα τα στοιχεία που θα μπορούσαν να είχαν αποσταλεί στο εξωτερικό και να μεταφραστούν, ή είχαν ξεχαστεί, απολεσθεί, ή καταστραφεί.
Ωστόσο, καταγραμμένα περιστατικά από τους προσκυνητές του μοναστηριού, αυτοί που είδαν οράματα από τον Άγιο Ιάκωβο, και πολλοί άλλοι που αναγνώρισαν την παρουσία του, επιβεβαίωσαν τη γνησιότητα της αγιοσύνης του. Δοξάζοντας το όνομα του θεού, ο Άγιος Ιάκωβος επίσης επούλωσε και έκανε πολλούς καλά.
Έχουμε πρόσφατα ανακαλύψει μια σαφή μνεία για τον Άγιο Ιάκωβο σε ένα χειρόγραφο που φυλάσσεται στην Ιερά Μονή της Παναγίας Μπελεμεντίου, σε ένα Γεροντικό, που είναι μία βιογραφία αγίων ή συλλογή διηγημάτων για τη ζωή των άγιων. Σε ένα χειρόγραφο του αρχείου της Μονής Μπελεμεντίου, υπ αριθμόν 149, δείχνει σαφώς ότι η Ορθόδοξη Εκκλησία τιμά τη μνήμη του στις 13 Οκτωβρίου. Η Ιερά Μονή της Κοιμήσεως της Θεοτόκου, στη Κούσπα, Χαματούρα στο Λίβανο, τίμησε τη μνήμη του για πρώτη φορά, στις 13 Οκτωβρίου το 2002, σε μια ολονύκτια προσευχή ( αγρυπνία ). Ένας αριθμός από ιερείς, διακόνους, και πιστούς συμμετείχαν σε εκείνη την αξέχαστη μέρα, όπου οι παρευρισκόμενοι έψαλλαν το τροπάριο και την ακολουθία του Αγίου Ιακώβου, που προετοιμάστηκε και συντάχθηκε από τους μοναχούς του μοναστηριού.
Σήμερα, οι πιστοί και οι προσκυνητές συνεχώς αναφέρουν τις εμφανίσεις του αγίου, τις θαυματουργές θεραπείες, και άλλα ευλογημένα έργα του. Όλα αυτά άναψαν τον πνευματικό ζήλο για τον εορτασμό της μνήμης του Αγίου, και δοξάζοντας τον Θεό, τιμώντας τον Άγιο Ιάκωβο τον Χαματουρίτη που εξακολουθεί να είναι ζωντανός ανάμεσά μας στο μοναστήρι του κάνοντας θαυμαστά έργα, προσκλήσεις, και εμφανίσεις στους πιστούς.

*Μαμελούκοι: είναι μέλη μουσουλμανικού Σουλτανάτου κατά ουσία ηγεμόνες της Αιγύπτου (1250-1517). Νικήθηκαν από τον Ναπολέοντα στη μάχη των Πυραμίδων (1798) και καταστράφηκαν από τον Μοχάμαντ Αλί (1811). Οι Μαμελούκοι ήταν αρχικά μια έφιππη στρατιωτική ομάδα, που αποτελείτο από Κιρκάσιους ή Τούρκους σκλάβους που προσηλυτίστηκαν στο Ισλάμ, και είχαν ανατραφεί στις αυλές των μουσουλμάνων ηγεμόνων ή χαλίφηδων.

Μετάφραση από τ' Αγγλικά: NOCTOC
Τα μαρτύρια του Αγίου Ιακώβου του Χαματουρίτη.
http://www.hamatoura.com/GreetingCard/October13/St.JacobofHamatoura.html

Η επίσημη ιστοσελίδα της Ιεράς Μονής Κοιμήσεως της Θεοτόκου, Χαματούρα.
http://www.hamatoura.com/
ICONS

måndag 5 juli 2010

Holy Monastery Hozeva
    One of the earliest monasteries of the Holy Land, built close to the Jericho to Jerusalem route. It received special attraction during the abbacy of Saint George the Hozebite but was soon destroyed by the Persians. This place is linked with the Prophet Elijah and the Joachim the Father of most Holy Theotokos. Tradition says that here hid the Prophet when he was chased by Jezebel (his cave still exists). Also it is said the here prayed the father of the Theotokos to be blessed with a child.   
رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس .
الفصل الأول
مدخل إلى الرسالة

الرسالة إلى أفسس هي إحدى رسائل الأس مع فيلبي وكولسي وفيلمون. فبولس كتبها حين كان في السجن. نقرأ في 3: 1: "لذلك، أنا بولس، أسير المسيح يسوع من أجلكم أيها الأمم". وفي 4: 1: "أحرّضكم إذن، أنا الأسير في الربّ". وفي 6: 20: أنا سفير الإنجيل حتى في السلاسل (رج فل 1: 7، 13، 17؛ كو 4: 3، 10، 18؛ فلم آ 1، 9، 23).
ولكن أي سجن نعني؟ تعلمنا 2 كور 11: 23 أن بولس عرف السجن مراراً. ولكن لا نعرف في الواقع إلا سجناً امتد بضع ساعات في فيلبي (أع 16: 23- 24)، ثم قيود قيصرية البحرية في فلسطين وقد تعدّت السنتين (أع 24: 27)، من سنة 58 إلى سنة 60. والمرة الثالثة التي فيها سُجن بولس كانت في رومة سنة 61- 63 (أع 28: 16- 30- 31). وتحدّث بعض الكتّاب عن إمكانيّة سجن عرفه بولس حين أتام في أفسس سنة 53- 56، وفيه كتب رسائل الأسر. هي فرضية مثيرة، ولكنها لا تجد أساساً أكيداً لا في سفر الأعمال ولا في رسائل القدّيس بولس. وهكذا يبقى أمامنا قيصرية ورومة. ويبدو أن هذه الرسائل دوّنت من رومة، لا سيّما وأن بولس عرف في رومة قيوداً فيها الكثير من الحرّية. قال أع 28: 16: ولمّا دخلنا رومة، أُذن لبولس أن يقيم وحده مع الجندي الذي يحرسه". وفي آ 30 نقرأ: "وكان يقبل جميع الذين يقصدونه".
وهكذا وجدت أف نفسها بين رسائل الأسر. ماذا نعرف عن كنيسة أفسس والرسالة التي سُلّمت إليها؟ لقد تأسست كنيسة أفسس على يد بولس خلال الرحلة الرسولية الثالثة. فيها أقام بولس سنتين ونيّف (53- 56) يعلّم في مدرسة تيرانوس... "حتى إن جميع سكّان آسية، من يهود ووثنيين، سمعوا كلمة الربّ. وكان الربّ يُجري على يَديَ بولس آيات خارقة" (أع 19: 9- 11).
ولكن يُطرح السؤال: هل كُتبت أف إلى كنيسة أفسس؟ قد تكون كُتبت إلى هذه الكنيسة كما كُتبت إلى غيرها. فالعبارة "الذين في أفسس" غائبة من مخطوطات عديدة. وهكذا نستطيع أن نقرأ 1: 1: "من بولس، رسول المسيح يسوع بمشيئة الله، إلى القدّيسين والمؤمنين في المسيح يسوع". وهناك سبب آخر نجده في الطابع اللاشخصي للرسالة. فبولس لا يسلّم على مؤمني هذه الكنيسة، بل ينطلق حالاً في نشيد شكر ومباركة: "تبارك الله، أبو ربنا يسوع المسيح" (1: 3). ويقوله "بولس" في 1: 15: "إذ سمعت بإيمانكم بالربّ يسوع، وبمحبتكم لجميع القدّيسين". وكيف يكتب مثل هذا الكلام، رجلٌ إلى كنيسة أسّسها بكثير من التضحية والتعب والآلام؟ يكفي هنا أن نقابل لغة الحنان في خطبة بولس إلى شيوخ أفسس (أع 20: 17- 38)، مع الاسلوب التعليمي في أف، لكي نصل إلى نتيجة تقول إن بولس لم يكتب هذه الرسالة، أو إنه كتبها إلى كنيسة غير كنيسة أفسس.
من هذا القبيل، رأى بعض الشرّاح في أف رسالة دوّارة توجّهت إلى عدة كنائس في مقاطعة آسية (أي تركيا الحاليّة). أو هي أرسلت في الواقع إلى كنيسة لاودكية المذكورة في كو 4: 16. غير أن كنيسة لاودكية لم تكن على قدر "المقام" المسيحيّ (رج رؤ 3: 14- 19)، فنُزع اسمها من هذه الرسالة وحلّ محلّه اسم كنيسة أفسس. هي فرضيّة وتبقى فرضيّة. أما في ما يتعلّق بالرسالة الدوّارة، فاقترح بعضهم أنه كانت هناك "ثلاث نقاط" يُوضع فيها اسم الكنيسة التي توجّه إليها الرسالة، ولكننا نتساءل في هذه الفرضية أيضاً: لماذا لم يصل إلينا إلا اسم أفسس؟
الموضوع الأساسي في أف هو موضوع قصد الله (السّر) كما أقرّه منذ الأزل، وأخفاه خلال أجيال، ونفّذه في يسوع المسبح، وكشفه للرسول، ونشره في الكنيسة. والكنيسة هي واقع شامل، على مستوى الكون. واقع من الأرض وواقع من السماء. هي التحقيق الآنيّ لعمل الله، تحقيق الخليقة الجديدة التي ينطلق انتشارها من المسيح الذي هو الرأس، فيصل إلى ملء أبعاده كما حدّدها الله. هذه هي الصورة الواسعة التي إليها يوجّه الرسول أنظار المؤمنين. صورة تتحدّث عن نموّ الجسد، عن بناء بيت الله. وقد دخل المؤمنون في هذا الجسد في المعمودية. دخلوا يهوداً ووثنيّين بعد أن زال الحاجز الذي يفصل بينهم، فصاروا خليقة جديدة في معرفة الله والطاعة له وحمد مجده. صاروا النواة التي حولها يجتمع الكون في المسيح، كل ما في السماء وعلى الأرض (1: 10).
رسالة فيها العقيدة وفيها التحريض والإرشاد. فيها حديث عن الكنيسة التي هي خاتمة عمل الله. وفيها إرشاد يدعو المؤمنين إلى أن يتركوا الإنسان القديم ويلبسوا الجديد، أن يبدّلوا عقليّتهم وتصرّفاتهم، مقتدين بالله، منتقلين من عالم الظلمة إلى عالم النور.
أما العقيدة فتبدو كما يلي. هناك عمل الله العظيم الذي تمّ في يسوع المسيح، والذي فيه يشارك المسيحيون بالمعموديّة. وهناك مصالحة العالم بعد أن سقط الحاجز الذي فصل العالم اليهودي عن الأمم الوثنيّة: بعد اليوم صار الوثنيون مواطنين كاملين في ملكوت الله، دخلوا في الكنيسة التي هي شعب الله وجسد المسيح.
عرفت أف ارتباطاً مع عالم قمران لا سيّما في الحديث عن "السّر" وتعلّقه بعالم الجليان. وأهتمّت أف بمخطّط الله السابق الذي نجد آثاره في فمران أيضاً، مع اختلاف بارز وهو أن قمران يتوقّف عند بقيّة قليلة من المخلّصين بينما تتحدّث أف عن مخطّط الخلاص الذي يضمّ في جسد المسيح إسرائيل والأمم الوثنية.
وتوقّفت المدائح وقاعدة الحرب في قمران عند نشاط سلطان هذا العالم ونتائجه الشرّيرة، كما ذكرت أبناء النور وأبناء الظلمة. في هذا المجال نقرأ عند بولس: "إن مصارعتنا ليست ضدّ اللحم والدم، بل ضدّ الرئاسات، ضدّ السلاطين، ضدّ ولاة عالم الظلمة هذا، ضدّ أرواح الشّر المنبعثة في الفضاء" (6: 12). وفي 5: 8: "لقد كنتم من قبل ظلمة، أما الآن فأنتم نور في الربّ. فاسلكوا كأبناء النور". نحن هنا أيضاً في إطار الجوّ العمادي. فبعد ثوب عتيق خلعه، لنلبسْ ثوباً جديداً. وبعد موضوع الاقتداء بالمسيح، نتعلّم في الفقاهة المسيحيّة عن التعارض بين الظلمة والنور، وما يتبع هذا التناقض من ثمر النور وثمر الظلمة.
وهناك تحريضات أخلاقية في أف تتجاوب وما نقرأه في وصيّات الآباء الإثني عشر التي اكتشفت في قمران. ومع ذلك فتوجّهات أف تبدو مغايرة كل المغايرة مع كتابات قمران، بما فيها من تشديد على شخص يسوع المسيح (كرستولوجيا)، ومن إبراز الشموليّة التي تتعارض مع روح الشيعة وما فيها من انغلاق، كما تتميّز به جماعة قمران.
وكانت مقابلة بين أف وعالم الغنوصيّة التي تشدّد على المعرفة الباطنيّة كأساس للخلاص. هناك أولاً النظرة إلى الإنسان الباطن والإنسان الخارج. في هذا المجال تقول أف 3: 16: "ليهب لكم، على حسب مجده، أن تتأيّدوا بقوّة روحه، في الإنسان الباطن. الإنسان الباطن هو الوجهة العقليّة في الإنسان، تجاه ما هو زائل والذي يسمّى الإنسان الخارج. ولكن المسيح يخلّصنا بجسده، لأن المادة ليست بشّر كما قال القدماء.
وهناك موضوع نزول المسيح الأرضي وصعوده السماوي ليعيد المختارين إلى الملء. هذا هو موضوع 4: 7- 13: "صعد إلى العلى، سبى سببياً، وأعطى الناس العطايا". نزل "إلى أسافل الأرض". وصعد "إلى ما فوق السماوات". نحن هنا في جوّ ليتورجي يرفع أناشيد المجد للمسيح الممجّد. غير أن وجهة المجد هذه لا تنسى ذبيحة يسوع "الذي بذلك نفسه لأجلنا" (5: 2)، الذي بذل نفسه لأجل الكنيسة التي أحبّها (5: 25).
وتحدّث الغنوصيون عن زواج بين عالما السماء وعالم "الأرض"، ولكنّهم احتقروا الزواج. أما أف فجعلت الزواج على مستوى علاقة المسيح بالكنيسة. هذا المسيح الموجود منذ الأزل قد خطب له الكنيسة التي "لا كلف فيها ولا غضن ولا شيء مثل ذلك، التي هي مقدّسة ولا عيب فيها" (5: 27). لقد عاد بولس في هذه الصورة إلى العهد القديم، ولا سيّما هوشع وارميا، إلى صورة عهد الزواج بين الله وشعبه.
ما نقوله هنا عن العالم الغنوصي، نقوله أيضاً عن عالم قمران: وُلدت أف في هذا المناخ الفكريّ، فأخذت لغته وأسلوبه، ولكنها طبعته بروح المسيح وأعطت الكلمات معنى جديداً. أجل، روح المسيحية بعيدة جداً عن روح قمران. وكذلك نقول عن العالم الغنوصّي الذي حاول أن يجعل من الكنيسة شيعة باطنيّة، لا إنجيلاً يتوجّه إلى العالم كله.
والعلاقات بين كو وأف؟ نجد في أف مجمل الأفكار التي تتضمّنها كو. لكن توسّعت أف في هذه الأفكار، وبدّلت النظرة تبديلاً عميقاً.
إن التلميحات المباشرة في كو إلى عبادة الملائكة، وإلى ممارسات من النمط اليهودي، قد زالت (كو 20: 23). أما التوسّعات حول المسيح (كما في كو)، فهي تشكّل أساس الهجوم على القائلين بأهمية هذه "الرئاسات والسلاطين".
تركّزت كو على سّر المسيح، ولم تتحدّث عن عمل الروح القدس (ما عدا 1: 8: أخبرنا بمحبّتكم في الروح). أما أف فعرضت سّر المسيح والكنيسة، فكانت من أهم النصوص حول الإكليزيولوجيا في العهد الجديد. بالإضافة إلى ذلك، شدّدت أف بشكل خاص على الروح القدس: به خُتمنا (1: 13). بالمسيح نصل إلى الآب "بروح واحد" (2: 18). نصير مسكناً لله "في الروح" (2: 22؛ رج 3: 5، 16؛ 4: 4، 30؛ 5: 18؛ 6: 17- 18).
إستعادت أف المواضيع الكبرى في روم لا سيّما شموليّة الخطيئة والبرّ بالإيمان، العلاقة بين اليهود والوثنين. وهذا ما لم تفعله كو. ثم إن الطريقة التي بها تُعالج المسألة اليهودية في أف 2: 14- 17، هي غير ما نجد في روم 9- 11.
في هذه الظروف لا نستطيع القول إن أف هي استعادة كو، وقد دُوّنت بعد ذلك ببضعة أشهر. فقد نكون أمام تلميذ من تلاميذ بولس. أراد أن يؤوّن تعليم معلّمه بعد موته، فكتب أف وطبّق ما فيها على المسائل المتعلّقة بتواجد مسيحيّين من أصل يهوديّ وآخرين من أصل وثنيّ في الجماعات الواحدة. وعن التيّارات الروحيّة في عصره نتحدّث عن وحدة الكون (شأنه شأن فيلون الاسكندراني). كانت النظرة اليهوديّة التقليديّة تعارض بين هذا العالم والعالم المقبل (1: 21: ليس في هذا الدهر، بل في الآتي أيضاً) على المستوى الأفقي للزمن. أما أف فأحلّت مكانها الرؤية العمودية التي تعارض بين السماء والأرض.
من هذه الزاوية، يمثّل تمجيد المسيح مكاناً جوهرياً في كرستولوجية أف، وهذا ما يجعلنا قريبين من التفكير الغنوصي كما عُرف في القرن الثاني المسيحي. غير أن التشديد على المحبّة (أغابي) كالقيمة السميا، يدلّ على أن الخلاص في أف لا يقوم على معرفة الذات، بل على تقبّل محبّة الله التي تدركنا بواسطة صليب المسيح.
وماذا عن نسبة أف إلى بولس؟ هناك فئة أولى ترفض هذه النسبة. لسنا فقط أمام سكرتير دوّن تحت نظر بولس. بل أمام تلميذ كان كاتباً حقيقياً، عاد إلى المعطيات البولسيّة وألّف نصّاً أصيلاً. وهنا تُطرح الأسئلة: من أي رسالة استقى؟ هل كانت أف الأساس الرئيسي؟
وهناك فئة ثانية تتحدّث عن صحّة نسبة أف إلى بولس الرسول. وبدا هذا الطرح في وجهتين مرتبطتين بالعلاقات بين أف وكو. الأولى، إن أف سبقت كو، فكانت نصّاً أصيلاً استفت منه كو. قليلون جداً هم الذين يأخذون بهذا الرأي. الثانية، جاءت أف بعد كو. استعادت مواد كو إما بواسطة الرسول نفسه، وإما بواسطة سكرتيرٍ عملَ بإدارة الرسول. أملى بولس بعض التوسّعات وترك لتلميذه أن يكمل العمل.
نشير هنا إلى أن إخفاء اسم التلميذ الذي دوّن أف، وراء اسم بولس، لا ينتزع شيئاً من قيمة الرسالة اللاهوتيّة. فهي ملهمة، وقد جعلتها الكنيسة في لائحة الأسفار القانونيّة التي تشكّل قاعدة الإيمان والأخلاق. كما نستطيع أن نكتشف خصب المدرسة البولسيّة التي كيّفت إرث الرسول في مؤلّفات مختلفة مثل أف أو الرسائل الرعائيّة.
وهكذا تبدو الآراء حول تدوين أف على الشكل التالي:
هناك قلّة قليلة تعتبر أف نصّاً بولسياً أعاد صياغته كاتبُ كو لكي يعطي وزناً لتعليمه.
أما الرأي الأكثر رواجاً، فيرى في أف وكو رسالتين بعث بهما الرسول في الوقت عينه تقريباً، إلى كنيستين متجاورتين. إستلهم كو فكتب أف. في هذه الحال، تمثّل أف المرحلة الأخيرة في فكر الرسول. كان سجيناً في رومة، فسلّم الجماعات في رسالة دوّارة، تأمّلَه الأخير في مخطّط الخلاص وسّر الكنيسة.
وهناك رأي يقول بأن بولس ألّف كو، ثم طلب من سكرتير أو تلميذ قريب منه، أن يوجّه أف. هذا ما يدلّ على التقارب بين النصّين، كما يدلّ على الاختلاف بينهما.
ويرى عدد من العلماء أن أف دوّنت في زمن متأخر، زمن ما بعد الرسل. غير أنها نتاج محيط تأثّر تأثّراً عميقاً بالرسول.
تبدو بشكل مباركة وتحريض. ألقيت في أحد اجتماعات العبادة، ثم جُعلت في رسالة، وضُمّت إلى سائر الرسائل البولسية. تأثّرت بأنكار وردت في روم، 1 كور، غل، كما تأثّرت بما في الكرازة الرسوليّة، لا سيّما في ما يخصّ الخلاص بالنعمة وشعب الله والروح القدس. وارتبطت أف أيضاً بالرسائل الرعائيّة كما ارتبطت بالتقليد اليوحناوي. وهذا لا يدهشنا إذا اعتبرنا أن المحيط الذي ألّفت فيه هو كنيسة أفسس.
متى دوّنت أف؟ إذا لم يكن بولس هو كاتبها، فقد تكون دوّنت بين سنة 70 وسنة 80. وقد تمّ تدوينها في أفسس التي عرفت تيخيكس واونسيموس. والقرابة مع رسالة أغناطيوس الانطاكي إلى أفسس (حوالي 110)، تجعلنا أترب إلى سنة 80 أكثر منه إلى سنة 100. وقال آخرون: إذا كانت النظرة إلى الكنيسة هي تلك التي عرفها الجيل الذي بعد الرسل، إلاّ أننا لا نجد أي تلميح إلى اضطهاد دوميسيانس الذي حصل سنة 95. وهكذا تكون أف دوّنت قبل سنة 95.
أما إذا قلنا إن بولس هو صاحب أف، يُطرح السؤال بشكل آخر: يجب أن نحدّد الموضع الذي فيه دوّنها: أفسس، قيصرية، رومة. إذا قابلنا بين 1 كور، غل، 2 كور، فل، روم من جهة، كو وأف من جهة أخرى، نفهم أننا نحتاج إلى حقبة من الزمن لنفصل المجموعة عن أختها. لهذا نترك سجن أفسس ونتحدّث عن سجن قيصرية أو سجن رومة. ويميل الشرّاح إلى قيصريّة: رافق سكرتير بولس إلى قيصريّة، فدوّن أف بعد كو بوقت قليل.
أن نتحدّث عن بولس في نهاية حياته الرسولية، أو عن سكرتير عاد إلى تعليمات أعطيت له، أو عن أحد "ورّاث" بولس الذي وجد نفسه أمام وضع خطير يجتازه العالم المسيحيّ بعد اختفاء الرسل، فنحن في أف تجاه رسمة تقدّم الأجوبة الكبرى للمسيحيّين المتطلّعين إلى مستقبلهم. فصاحب أف يريد من المؤمنين أن يعوا التبدّل الجذري الذي تمّ في العالم بعد موت المسيح وارتفاعه.
أنشد عطيّة الله التي تسجّلت منذ الآن في الكنيسة، جسد المسيح. وأدرك في هذه الكنيسة بداية وضع جديد لا يمكن الرجوع عنه. وهكذا لن تعود أف، شأنها شأن 1 كور، 2 كور، 1 تس، 2 تس، غل، رسالة ظرفيّة. رسالة كُتبت في وضع معيّن من علاقاتها مع الرسول. إن أف هي عرض تعليميّ للإيمان المسيحيّ على مثال ما في الرسالة الأولى ليوحنا أو الرسالة إلى العبرانيين.

بولس الفعالي