ELIAS PAULUS

ELIAS  PAULUS
ELIAS PAULUS THE BIG LOVE الحب الكبير -اضغط على الصورة-

onsdag 1 september 2010

الصليب المحيي

الاب باسيليوس محفوض - النهار
مع بداية السنة الكنسية الجديدة في اول شهر ايلول تضع الكنيسة الارثوذكسية أمام اعيينا الهدف الذي يسعى اليه كل مؤمن وهو الوصول الى الخلاص الذي تحقق بالصليب. لذلك تهتم الكنيسة بالصليب اهتماماً عظيماً اذ تعيّد في الرابع عشر من ايلول لرفع وظهور الصليب الذي صلب عليه رب المجد. كذلك خصصت الكنيسة له احدين: "الاحد قبل رفع الصليب" و"الاحد بعد رفع الصليب".
لذلك تعتبر الكنيسة عيد رفع الصليب "المحيي" من اكبر اعيادها ولهذا كان يعرض الصليب المقدس على المؤمنين للسجود له قبل العيد بثلاثة ايام، ولم تكتف الكنيسة بتعييده ليوم واحد بل خصصت له يومين آخرين بالسجود للصليب، وهو الأحد الثالث من الصوم الكبير، والاول من شهر آب، دفعاً للأمراض.
يعود سبب نشوء عيد رفع الصليب الى اكتشاف الصليب المقدس على يد الملكة القديسة هيلانة والدة الامبراطور القديس قسطنطين وتكريس بناء كنيسة القيامة. السبب الثاني هو ظهور علامة الصليب في السماء مع عبارة "بهذه العلامة ستنتصر" التي ظهرت للامبراطور قسطنطين عندما كان يحارب خصومه. والسبب الثالث هو استرجاع خشبة الصليب من الفرس على يد الامبراطور هرقل حيث رفع الصليب في مكانه الأصلي.
أول من اشار الى حادثة اكتشاف خشبة الصليب بواسطة القديسة هيلانة، القديس امبرسيوس اسقف ميلان (339-397 م)، وقد ذكرها في احدى عظاته عن (انتقال ثيوذوسيوس) سنة (395 م)، وايضاً نقل قصة اكتشاف خشبة الصليب عن القديس امبرسيوس كل من القديس يوحنا الذهبي الفم (347 - 407م)، والقديس يولينوس (353 - 431 م). لكن الأسقف كيرلس الاورشليمي، هو اكثر من استفاض في ذكر اكتشاف خشبة الصليب في عظاته التي القاها سنة (348 م)، وكان يخاطب المؤمنين وهو داخل كنيسة القيامة مشيراً الى التابوت الموضوع فيه الصليب وكان قد مرّ على اكتشافه ما يقرب 25 سنة، اذ قال في إحدى عظاته: "لقد صلب المسيح حقاً، ونحن ان كنا ننكر ذلك فهذه الجلجلة تناقضني، التي نحن مجتمعون حولها الآن. وها هي خشبة الصليب ايضاً تناقضني التي وزّع منها على كل العالم".
لقبت الكنيسة الصليب بلقب "المحيي" لأنه صليب ربنا هو قوة حقيقية للخلاص. كما ان كلمة "قوة" تأتي في اللغة اليونانية من الأصل "ديناموس" ومنها كلمة "دينامو" Dynamo ومن المعروف ان الدينامو هو مولد الطاقة، والصليب بهذا المعنى هو مصدر ومولد الطاقة لحياتنا المسيحية. كذلك كلمة "ديناموس" اليونانية والتي تُترجم قوة، تأتي منها الكلمة Dynamite ديناميت"؛ وجميعنا يعرف ما للديناميت من قوة، وهنا يستخدم الرسول بولس لكلمة قوة الله، الكلمة اليونانية "ديناموس"، فيقول: "فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلّصين فهي قوة الله".
مما ساعد في تصوير المسيح مصلوباً هو المجمع الخلقيدوني (451م) الذي اراد مقاومة اليعاقبة الذين ينكرون الطبيعة البشرية في المسيح، ويجحدون حقيقة ذبيحته على الصليب، لهذا تصدّوا لهم واكثروا من تصوير المصلوب ليقرروا الطبيعة البشرية في الرب، من هنا نستنتج ان صورة المصلوب كثرت في الشرق بعكس الغرب، ولم تدخل صورة المصلوب الى الغرب إلا في القرن الثامن الميلادي، على يد الرهبان الشرقيين عند دخولهم الى ايطاليا.
في نصوصنا الليتورجية نقول: "لصليبك يا سيد نسجد ولقيامتك المقدسة نمجد" هذا ليس معناه إطلاقاً عبادة أوثان... هناك فرق بين عبادة الأوثان والعبادة المسيحية (السجود للصليب...) عندما ينفصل الله عن المادة تصير المادة وثناً وعندما يتحد الله بالمادة تصير المادة مقدسة. عباد الأوثان كانوا يسجدون للأوثان (حيوانات - كواكب... الخ) بمعزل عن الله لذلك كانت عبادتهم نجسة... وهذا يعلن إيماننا بالتجسد، وأن التجسد ليس قصة وهمية إنما في نظر الله مقدسة وأنه يمكن أن يتحد بها... وهذا يعلن إيماننا بالتجسد، وأن التجسد ليس قصة وهمية إنما واقع يومي وبرهانه أن الله فينا... وأن المادة صارت مقدسة... وأن الله يتحد بالمادة لذلك فأنا أتقدم للمادة بكل وقار... وأتلاقى مع الله خلال هذه المواد...
أن كنا نؤمن ان الله خلق المادة كما هو خلق الروح... تصير المادة مقدسة، وإن كنا نؤمن ان الله تجسد فإن المادة بالأحرى أكثر قداسة لذلك يمكنني ان أسجد للصليب، وعندما نسجد للصليب فنحن نسجد للمصلوب لذلك يقول القديس بولس لرسول "عاملا الصلح بدم صليبه" المقصود هنا بدم الذي صلب على الصليب أي المصلوب بقصد الاتحاد بين الصليب والمصلوب صار كأنه اتحاد مطلق.
بالصليب ترسم وتبدأ صلواتنا وتنتهي، لذلك لا تنفك الكنيسة المرتبطة بصليب النور والخلاص تذكر في كل صلواتها الليتورجية الصليب على مدار السنة وخاصة يوم الاربعاء والجمعة وفي الايام الاعياد التي تختص بالصليب "المحيي". ولأهمية يوم عيد رفع الصليب "المحيي" تصوم الكنيسة هذا النهار وتصلي بحرارة الى الصليب" متذكرة آلام وصلب المسيح وقيامته.
ولأهمية هذه الحقيقة الايمانية نظم رهبان دير رقاد السيدة في حمطورة (الجبل المقدس) صلاة ابتهال (براكليسي) الى الصليب "المحيي"، باعتبار الصليب استأصل الشر من جذوره وصار الصليب "اصل حياتنا" حياة جديدة في المسيح.

Inga kommentarer:

Skicka en kommentar