ELIAS PAULUS

ELIAS  PAULUS
ELIAS PAULUS THE BIG LOVE الحب الكبير -اضغط على الصورة-

fredag 3 september 2010

مفهوم الألم في البوذيّة .

كثيراً ما يشغلنا التفكير بالألم ومدى ارتباطه بتفاصيل حياتنا حتى عند الفرح, فأضحت المعاناة المستمرة الصفة المميزة لهذا العالم, وبات السؤال الذي يشغل كل إنسان:
§        لماذا الألم؟..
§        ما هي أسبابه؟
§        كيف نتخلص منه؟
إن موضوع تخفيف الألم أو التخلص منه بحثٌ يجمع الإنسانية كلها.... غير أن هذا البحث كان محور تأمل بوذا منذ آلاف السنين هذا التأمل الذي قاده للغوص بأعماق النفس البشرية و ما فيها من تناقضات بالرغم من قدم العصر الذي عاش فيه, محاولاً بذلك البحث عن أسباب هذا الألم المرافق للإنسان للوصول إلى الخلاص منه.
وما يثير الإعجاب هو هذه الإرادة الطيبة من وراء بحثه بموضوع الألم, فكان همّه تخفيف المعاناة التي كان يشهدها في مجتمعه , وتكرّست هذه الإرادة الطيبة بمشاركته لغيره بتأملاته وكل ما وصل إليه من حكمة, و كذلك بما أعطاه من تعاليم أخلاقية مميزة اتسم بها أتباعه.
حيث ارتكزت تعاليمه على الامتناع عن الشر وكل ما يسبب الألم  لجميع الكائنات ليس فقط الإنسان.
من خلال هذه النظرة إلى العالم و ضرورة تخفيف الألم عن كل الكائنات ظهر مبدأ "اللاعنف"، الذي حملته البوذية كدعوة لعيش الاستقامة والسيطرة على الأهواء, انطلاقاً من تعليمها أن فعل الشر والتلذذ به ومن ثم تراكم الأعمال الشريرة يسبب الألم, وهو أمر يظهر جلياً في واقع العالم الذي يتجه لمزيد من العنف وإلى الاستغراق في الأهواء والملذات والكثير من المظالم بين الناس وبالتالي الكثير من المتألمين.
فالتعطش الدائم والشهوة الموجودة في الإنسان تعتبرها البوذية أصل الألم وتتخذ التأمل سبيلاً للوصول إلى الحكمة والتخلص من الألم، وهي طريقة نافعة يمكن من خلالها الولوج إلى عمق النفس و محاولة اكتشاف الذات ما يؤدي إلى معرفة ما يؤلمنا وكيف نتحرر منه .
لكن هل التأمل وعيش طريقة حياة معينة تكفي للتخلص من الألم الذي هو واقع هذا العالم؟
فعلى أهمية التأمل الذي يمكن أن نلجأ إليه من أوقات لأخرى لكي نستطيع عيش واقع الألم بسلام وانسجام أفضل مع الذات, إلا أن الخلاص من هذا الواقع المؤلم لا يقوم فقط على المجهود الشخصي للإنسان بالغوص بذاته أو على الاتسام بأخلاقية جيدة, لأن الألم يبقى واقع لا يمكن الهروب منه في هذا العالم, لكن يمكن التخفيف منه وإعطاءه المعنى وذلك لا يستطيعه الإنسان بقوته الشخصية فقط؟!!
فطرق التفكير والعيش التي تطرحها البوذية كطرق للخلاص من الألم. وللوصول لحالة "النيرفانا" (و هي حالة اللا ألم واللاهوى, حيث انتفاء كل شيء) مفيدة, ليس للتخلص من الألم, لكن على الأقل لتخفيفه في هذا العالم, وخاصة بوجود هذه الدّقة والتفصيل بالتعاليم الأخلاقية وفي الولوج إلى أدق المشاعر الإنسانية في محاولة صادقة لمداواة واقع المعاناة الذي يمس كل إنسان .
وهو أمر لا بدّ من احترامه في البوذية, فهذه الروح الطيبة التي انطلق منها بوذا في تأمله بموضوع الألم وفي بحثه عن الحقيقة تملأ القلب بغبطة و فرح, هي غبطة تغذيها روح التضامن الإنساني من أجل عالمٍ أقل ألماً, حيث تتشارك كل الإرادات الطيبة في بحثها عن الحقيقة.
يقول بوذا: "أن هبة الحقيقة تفوق كل هبة أخرى وطعم الحقيقة يفوق أي طعم آخر والفرح بالحقيقة يفوق أي فرح آخر وإطفاء الشهوة يقهر الألم".

Inga kommentarer:

Skicka en kommentar