كان يعلم ان جميع الناس من حوله فى مترو الأنفاق ينظرون اليه تلك النظرات التى اعتاد على ان يراها فى أعين الناس نظرات بعضها اشمئزاز وبعضها اندهاش وبعضها نفور وبعضها اندهاش وسؤال يريد أن يُسأل ما هذا؟ وهو كعادته يخفض عينيه الى الأرض أو ينظر الى خارج باب العربه التى يركبها حتى لا يرى تلك النظرات التى طالما مل منها وأصبحت تشكل عبئاً نفسياً على عاتقه ولكنه قرر فجأه أن يرفع عينيه لينظر الى هؤلاء الناس فوجد كما توقع أن الكل يحملق فى رأسه بشده فالكل يريد أن يعرف ما أسباب هذه التشوهات التى برأسه وهو يتلفت مذعورا وسط هذه النظرات ومضت فى ذهنه تلك الذكريات الأليمه تلك الحادثه اللعينه التى غيرت مجرى حياته ليصير انسانا شاذا عن بقية البشر من وجهة نظرهم فتذكر كيف وهو ابن الخامسه من عمره كيف سقطت رأسه -تلك التى أصبحت كبرى مشكلات حياته- فى مقلاة مليئه بالزيت المغلى ليبدأ فى حياته عصر من العذاب الجسدى والنفسى الذى لا ينتهى وكيف كان عليه أن يُطيل تلك الشعيرات من وسط رأسه حتى تغطى ذلك الجزء المحروق من رأسه وكادت عيناه أن تدمعا وكأن هذا الموقف الذى مضى عليه أكثر من خمسة عشر عاماً لكأنه حدث بالأمس وفجأه ثارت ثائرته وانفجر غاضبا كبركان كان على أهبة الاستعداد للانفجار فأخذ يصرخ فى كل من حوله ( أيها الجبناء الذين تنظرون الى باحتقار كلٌ منكم أعطاه الله شكلاً حسنا ولكن من منكم لايكذب من منكم لا يرتشى من منكم لا ينافق من منكم لا يسرق من منكم لا يغتاب من منكم لا ينم من منكم يجرؤ أن يواجهنى بأنه انسان شريف وكامل ايها الساده اذا كان شكلى دميما بالنسبة لكم فشكلكم بالنسبة لى مسخ دميم ) لم يرد عليه أحد بل سكت الكل لم يكن يُسمع الا صوت سريان المترو فوق قضبانه وكأن القدر قد ساق اليه انه عندما انتهى من كلامه توقف المترو وفُتح بابه فاندفع كالسيل يخرج ليترك هؤلاء الناس وخرج من المحطه لا يدرى أين هو ولا اين يذهب كانت عيناه شاردتان وذرفتا دمعة خفيفه خرجت وتمنى لو أنه يستطيع أن يصرخ ولكنه رأى ما جعل صرخته تُكتم فاذا به يرى سيارة قادمه مندفعه بسرعة عاليه وفتاة لم تدركها قدماها للتحرك من امام السيارة فتوقفت عن الحركه وكأنها استسلمت لمصيرها فبدون وعى منه بما يفعل اندفع اندفاعا شديدا وكان رياحا عاصفه تدفعه وفى لمح البصر أمسك ذراعى الفتاه وتحرك بها وكانها ريشة يحملها فى يده وبمجرد تحركه مرت السارة وكادت أن تصدمه هو كانت الفتاه مذهوله من الموقف الذى حدث ومن شدة ذهولها مما فعله معها هذا الشاب لم تستطع ان تنبس بكلمة واحده
فى هذه اللحظه كان هو فى عالم اخر لقد نظر الى عينيها وكأنهما الحضن الدافئ الذى يحتاج اليه فى هذا الوقت بالتحديد أحس أنه يعرفها منذ سنوات عده فعيناها تحمل من الأمل والحب والحنان ما يكفى لأن يغرق فيهم بقية عمره وبعد لحظات معدوده بدأت هى تفيق من الصدمه فأحست بنظراته تلك التى تحمل الكثير من المعانى التى لم تسمع عنها فيما كتبه أعظم الشعراء فاحمر وجهها خجلا من نظراته ونظرت الى الجانب الأخر لكنه دون أن يدرى لامس وجهها بيده ليعيد عينيها أمام عينيه مرة اخرى ففزعت واعتقدت انه يريد بها سوءا ولكنها احست انه طفل يريد ان يرتمى فى احضان امه فأشفقت عليه
وأخيرا بعد صمت دام لعدة دقائق سألته : ما الذى يجعلك تنظر الى بهذه الطريقه ؟
واخيرا استطاع ان يحرك لسانه الذى اوشك ليصمت بقية حياته : هل تسمحين لى بأن أتحدث معك قليلا ؟
فأجابته : اننى احس برغبة شديده فى ذلك خاصة وانا أقرأ فى عينيك ان هناك شيئا ما يجعل عيناك حزينتين
وبدون أن يدرى ماذا يقول اخذ يقص عليها تلك المأساه التى يعيشها وكان صوته مخنوقا وكأنما يُذبح واذا به فى نهاية كلامه يبكى بشده ووصل الأمر الى ان دمعت عيناها هى ايضا
فباغتها بسؤال : الم تفعلى مثل كل الناس وتنظرى الى رأسى هذه ؟
فردت وصوتها يندفع بمشاعر فياضه من الحنان والحزن: اقسم لك بالله اننى لم انظر اليها واننى لولا ما سمعته منك ما ادركتها ولكن انس كل هذا وابدأ حياتك من جديد واثبت لكل هؤلاء بالدليل القاطع انك بالتأكيد أفضل منهم جميعا فأنا أرى فى عينيك اصرارا لم اره فى عينى احد من قبل فلتكن مأساتك تلك هى الدافع لك لتصبح يوما ما انسانا حقيقيا يثبت للعالم كله ان الانسان بجوهره لا بمنظره
فمد يده اليها ليصافحها وارتسمت على شفتيه ابتسامة طفل وجد امه بعد ان كان ضائعا منها فمدت يدها لتصافحه ودون ان ينطق اى منهما بكلمه انطلق كل منهما فى طريقه وعلى وجهه ابتسامه لن يمحوها التاريخ ابدا .
فى هذه اللحظه كان هو فى عالم اخر لقد نظر الى عينيها وكأنهما الحضن الدافئ الذى يحتاج اليه فى هذا الوقت بالتحديد أحس أنه يعرفها منذ سنوات عده فعيناها تحمل من الأمل والحب والحنان ما يكفى لأن يغرق فيهم بقية عمره وبعد لحظات معدوده بدأت هى تفيق من الصدمه فأحست بنظراته تلك التى تحمل الكثير من المعانى التى لم تسمع عنها فيما كتبه أعظم الشعراء فاحمر وجهها خجلا من نظراته ونظرت الى الجانب الأخر لكنه دون أن يدرى لامس وجهها بيده ليعيد عينيها أمام عينيه مرة اخرى ففزعت واعتقدت انه يريد بها سوءا ولكنها احست انه طفل يريد ان يرتمى فى احضان امه فأشفقت عليه
وأخيرا بعد صمت دام لعدة دقائق سألته : ما الذى يجعلك تنظر الى بهذه الطريقه ؟
واخيرا استطاع ان يحرك لسانه الذى اوشك ليصمت بقية حياته : هل تسمحين لى بأن أتحدث معك قليلا ؟
فأجابته : اننى احس برغبة شديده فى ذلك خاصة وانا أقرأ فى عينيك ان هناك شيئا ما يجعل عيناك حزينتين
وبدون أن يدرى ماذا يقول اخذ يقص عليها تلك المأساه التى يعيشها وكان صوته مخنوقا وكأنما يُذبح واذا به فى نهاية كلامه يبكى بشده ووصل الأمر الى ان دمعت عيناها هى ايضا
فباغتها بسؤال : الم تفعلى مثل كل الناس وتنظرى الى رأسى هذه ؟
فردت وصوتها يندفع بمشاعر فياضه من الحنان والحزن: اقسم لك بالله اننى لم انظر اليها واننى لولا ما سمعته منك ما ادركتها ولكن انس كل هذا وابدأ حياتك من جديد واثبت لكل هؤلاء بالدليل القاطع انك بالتأكيد أفضل منهم جميعا فأنا أرى فى عينيك اصرارا لم اره فى عينى احد من قبل فلتكن مأساتك تلك هى الدافع لك لتصبح يوما ما انسانا حقيقيا يثبت للعالم كله ان الانسان بجوهره لا بمنظره
فمد يده اليها ليصافحها وارتسمت على شفتيه ابتسامة طفل وجد امه بعد ان كان ضائعا منها فمدت يدها لتصافحه ودون ان ينطق اى منهما بكلمه انطلق كل منهما فى طريقه وعلى وجهه ابتسامه لن يمحوها التاريخ ابدا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق